هناك أمور لا سند لك فيها إلا أن تواجهها بالصبر

هناك أمور لا سند لك فيها إلا أن تواجهها بالصبر

هناك أمور لا سند لك فيها إلا أن تواجهها بالصبر

الإنسان إذا قابلته عثرة في حياته يجب ألا يستسلم لهذه العثرة؛ لأنه إذا استسلم سوف تزول مواهبه، ويجب أن يصبر على آثارها، ويقـول لنفسه: حَـدث هـذا لغـيري، ومـا هـو أشـد منـه، وأريـد أن أتغـلـب على ذلك.

لذلك يقول الحق سبحانه: ﴿إِن يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِّثْلُهُ﴾.

ويقول سبحانه: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ ۚ أن اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ﴾.

يقول الحق سبحانه: ﴿وَلَنَبْلُوَنَّكُم بِشَيْءٍ مِّنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِّنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنفُسِ وَالثَّمَرَاتِ ۗ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ﴾.

الثَّمَرَاتِ: هي غاية كل شيء، والثمرة لا تحلو إلا إذا اكتمـل نضجها وأدت مهمتها قبـل أن تأخذهـا، وهذا يحتاج صبرًا، وهذا الإعداد الرباني إذا نجحنا فيه بشرنا الله سبـحانه وتعالى بالخير والأجر.

المفهوم الصحيح للصبر

الصَّبر في اللغه: هو حبس النفس، وكفّها عن الجَزع والسَّخَط.

والصبر شرعًا: هو الامتناع عمّا حرّمه الله، وأداء ما أوجبه من الفرائض، وعدم السخط أو الجزع أو الشكوى لغير الله ممّا قدَّرَه سبحانه= الرضا بمقدور الله + حُسن التأدُّب مع الله عند المِحَن.

لذا الصبر = عدم استسلام النفس للجزع وقت مغالبة الأحداث الشديدة التي تمر بك، وفي نفس الوقت تظل تحاول النهوض بالرغـم مـن أنك لا زلت عـاثرًا.

*الصبر على إطلاقه مطلوب في أمرين:

  • الإيجاب (على الطاعة).
  • والسلب (عن الشهوه).

كما أن الصبر عند الصدمة الأولى؛ لأنه يكسر حدة المصيبة، ويضعف قوتها، ليهون الصبر.

ما الخطأ الحقيقي الذي يقع فيه الإنسان حينما يتعامل مع الصبر؟

الإجابة: هـي في معرفـة مكـونات ومقادير الصـبر المطلـوب.

بمعنى: أن الإنسان عندما تواجهه أمور في حياته لا سند له فيها إلا الصبر والاستعانه بالله،

هُنا، وبالتعمق داخل نفس هذا الإنسان، سوف نلاحظ أن أمامه بعض الاختيارات، وكل اختيار منهم له مكونات ومقادير، وبالتالي نتيجة مختلفة، والإنسان يقوم بتكوين مقادير الاختيار الذي يتخذ أسبابه.

مكونات و مقادير الصبر

المكونات وهي: يَصبر، يَسخط، يَرضا، يَشتكي لغير الله (ولغير صاحب الاختصاص).

مقادير الاختيار الأول وهي : يصبر + يرضا = الصبر الجميل

          النتيجة= توافـق تـام مـع مُـراد الله عـز وجـل = معية ونُصرة الله = وسـيلة سـريعة لرفـع البـلاء.

مقادير الاختيار الثاني: يصبر + يسخط = يصبر مع التأفف والضجر

        وهو = صبر يتحـمل فيه مرارة الصـبر ويُمنع عنـه أجـر الرضا؛ لأن السخط عكس الرضا

        نتيجته = اتباع أسباب تؤدي إلى بطء رفـع البلاء.

مقادير الاختيار الثالث: يصبر + يسخط + يشتكي لغير الله

ليس صبرًا = اتباع أسباب تُـديـم البـلاء؛ لأن من لا يصبر يعاني طوال حياته.

الاختيار الأول: يصبر صبرًا جميلاً:ً

وهو صبر بدون شكوى إلا لله عز وجل.

صبر دون جـزع ولا ضجـر، وبرضـا تـام نابـع مـن يقيـن إيماني لا يقبـل الشـك.

المميزات: بهذا الاختيار تتوافق مع القوانين والأسباب الكونية التي أرادها الله عز وجل؛

لأن هذا النوع من الصبر هو الذي يريده الله، وهو الذي وصف في القرآن الكريم بـ “الصبر الجـميل”.

وبالصبر الجميل تأخذ نتيجة توافقك مع إرادة الله؛ لانك بالصبر تعبد الله فتستحق سـرعة الاستعانه نظير هذا الصبر ﴿إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ﴾، وتستحق البُشرى ﴿وَبَشِّـرِ الصَّـابِرِينَ﴾.

ومن ثَمّ يُعد الصبر الجميل من أسرع الوسائل التي تساعدك على الوصول لأهدافك.

يقول الحق سبحانه: ﴿إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ﴾ والمعيه هنا معية تأييد، معية نصره ومعونة.

 فالأحـداث والمصائب لا تجرؤ أن تتسـلط على نفـس بشـرية طالما كانت في حصانة الله.

قال يعقوب عليه السلام‏ كما جاء في كتاب الله عز وجل: ﴿‏‏إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إلى اللَّهِ‏﴾،

مع قوله‏:‏ ﴿‏‏فَصَبْرٌ جَمِيلٌ وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُونَ﴾.

وقال ابن تيميه رحمه الله: “فالهجر الجميل‏‏ هجر بلا أذى، والصفح الجميل صفح بلا عتاب، والصبر الجميل‏ صبر بلا شكوى“.

ويقول د. عمر عبد الكافي: “الصبر الذي أمر به الله هو الصبر الجميل، و هو صبر بدون شكوى“.

العيوب: لا يوجد.

الاختيار الثاني: يصبر + يسخط ( التأفف والضجر):

إنسان يصبر، ولكن يظهر الضجر والسخط عليه في فكره، وكلامه، وتصرفاته، وحتى تداعيات جسده، ولكن لا يشتكي لغير الله.

المميزات: قد يكون يتصبر، وقد يأتي يوم نتيجة تصبره أن يصبر الصبر المراد(الجميل).

العيوب: هذا ليس بالصبر الجميل الذي يوافق إرادة الله عز وجل، وهناك من يختلف على تسمية هـذا النوع بالصبر، بحجة أنه أشبه بالكبت أو القهر؛ ولأن التأفف والتضجر يُعارض الصبر

لغياب الرضا، ومن ثَمّ حُرم أجر الرضا نتيجة لضعف اليقين والسخط.

الاختيار الثالث: يصبر + يسخط + يشتكي لغير الله، ولغير صاحب الاختصاص:

وهذا النوع لا يعتبر صبرًا.

إذن منطقيًا وشرعيًا خلاصة ما يخص الإنسان في التعامل مع الصبر لرفع البلاء هو: أن يقبل الإنسان “بمزاجـه” ما فُـرض عليه، وبقبـول نفسـي عميق، وبنية صادقة، ليـتـشـبع بالرضـا الذي يوافق مُراد الله، ليُحسـن تأدبه مع ربه العظيم، فيستحق مَعيـة الله ونَصـره.

(“بمزاجه“؛ لأنه سواء كان برضاه أو رغمًا عنه، لن يستطيع معاندة الجبار عز وجل.)

والنقطة الدقيقه هنا:

أن الأحداث التي تحتاج صبرًا تستمد قوتها في التسلط على الإنسان من الإنسان نفسه!

وذلك أن النفـس إذا انعزلت عن مصدر قوتها، وهي معية الله عز وجل، عن طريق غلق باب الصبر الجميل الموصل لهذه المعية، هنا وفي اللحظة ذاتها يكون الإنسان، باختياره وبإرادته الحرة، قد رفض اتباع أسباب رفع الابتلاء المتاحه أمامه، ولم يكتف بذلك، بل اتبع أسبابًا تطيل أمد البلاء، عن طريق السخط وعدم قبول قضاء الله (قد يقبله بالقول فقط) = الاعتراض وما يترتب عليه.

الصبر = “بمزاجك”+ بدون سخط + بدون شكوى لغير الله، ولا لغير صاحب الاختصاص.

  الكاتب: محمد صلاح السقا_مؤلف كتاب: “لا تضع عقلك دائما على وضع الطيران”

# من كتاب: “لا تضع عقلك دائما على وضع الطيران”

  رابط مباشر لشراء وتحميل  كتاب: لا تضع عقلك دائما على وضع الطيران”_ رقميا بصيغة PDF .
         لشراء الكتاب ورقيا وشحنه لعنوانك من خلال: مكتبة تكوين للطباعة والنشر والتوزيع

 

                          رابط تحميل محتوى مجاني قيم  من الكتاب(أكثر من 20 صفحة متتالية)

 

                                                                                                             والله ولي التوفيق،،،

اترك تعليقاً